المشكلات السلوكية لدى الأطفال اليتامى في المرحلة الابتدائية
مقدمة
تكتسي مرحلة الطفولة أهمية
حيوية بالنسبة لنمو الإنسان ، حيث يتلقى
الأطفال عملية التربية التي تسعى لضمان نموهم من جميع النواحي الجسمية والنفسية
والعقلية والانفعالية والاجتماعية وتقوم الأسرة في بداية وجود الطفل بتوفير الظروف
المناسبة للتوافق النفسي حتى بلوغ السن السادسة من عمره ، حيث تساهم المدرسة في
تهيئة الجو التعليمي على نحو يكفل استمرار النمو بصفة طردية ، وتعمل على اندماج
الأطفال في البيئة المدرسية وتنمية العلاقات الإنسانية السليمة.
ويؤثر
المجال الذي ينشأ فيه الطفل تأثيرا كبيرا في نموه
فإذا تم إشباع حاجات الطفل البيولوجية والنفسية فإن ذلك ينعكس إيجابا في سلوكياته ، أما إذا
تعددت مواقف الحرمان وزادت حدتها فإن شخصيته ستعاني من الاضطراب والصراع ويظهر ذلك في مظاهر سلوكه ، وقد بينت الدراسات
الإكلينيكية أن كثيرا من الانحرافات التي تظهر في مراحل العمر ترجع إلى ما تعرض له
الطفل في مواقف الحياة خلال فترة الطفولة (فهمي،1976).
ولاشك أن أهم
حرمان يتعرض له الطفل في حياته هو فقدان أحد والديه أو كليهما مما يؤدي إلى شعوره
بالنقص وانعدام الثقة والحزن والانعزال، ويظهر ذلك في سوء تكيفه المدرسي ويتغير سلوكه ويصبح يفتعل المشكلات الصفية
بالاعتداء على زملائه ، ويتصرف بعنف وعدوانية في أبسط المواقف ، وقد تصل به الأمور إلى الفشل المدرسي
وإعادة السنة والإحساس بالتهميش والإقصاء.
مشكلة الدراسة
يتفق العلماء والتربويون على أهمية الأسرة ودورها في تنشئة الطفل إذ يحصل
فيها على أهم احتياجاته النفسية ؛ وهي الشعور بالحب والأمان ، وبأنه مقبول ومرغوب
فيه ،ومنها كذلك يتعلم الخطأ والصواب ، وينال التشجيع والثواب ، وبث الرغبة في
التعلم، كما يجد القدوة والمثال الذي يقتدي به .(عياد والخضري1995).
ويفقد الطفل الكثير من الحب والمودة ، وغالبا ما يقع في المشكلات السلوكية
الخطيرة، بمجرد حدوث تفاعلات غير مرغوبة تعصف بالجو العائلي ، كحالات طلاق
الوالدين ، أو فقدان أحدهما، أو كليهما، فلا تتاح له الفرصة للنمو الصحيح
(الشوربجي2003).
ويعتبر الأطفال اليتامى الذين حرموا من عطف وحنان أحد الوالدين أو كليهما
الأكثر تضررا من الناحية النفسية ، حيث يفقدون الأمن النفسي ، وتكون تصرفاتهم في
الغالب غير سوية وينتشر بين الأطفال سلوك العدوان والتمرد ، أو الانعزال والانسحاب
الاجتماعي.
وأكدت العديد من الأبحاث والدراسات أن الأيتام يعانون من جراء الحرمان الوالدي، ففي دراسة قام بها " إسماعيل" (2009) أكد على أن المحرومين من بيئتهم الأسرية ، يعانون من مشكلات سلوكية عديدة منها ؛ السلوك السيئ ، و العصاب ، والاكتئاب والأعراض العاطفية بدرجة أولى ، ومشكلات الأصدقاء وزيادة الحركة بدرجة ثانية.
وأشارت دراسة بلان (2011) إلى مدى انتشار الاضطرابات السلوكية والوجدانية لدى الأطفال المقيمين في دور الأيتام ، وكذلك شدتها لديهم ، وقد تناولت الموضوع حسب متغيرات الجنس والعمر وسنوات الإقامة، ووفاة أحد الوالدين أو كلاهما.
وتوصلت دراسة فاطمة كامل(2011) إلى أن العنف عند الأطفال له علاقة بفقدان أحد الوالدين ويكون لدى الذكور أعلى من الإناث. بينما تناول الخليفي (1994) المشكلات السلوكية لدى أطفال المرحلة الابتدائية بصفة عامة ، وخلص إلى أنه لا توجد مشكلات على درجة كبيرة من الخطورة ، والمشكلات التي ظهرت كانت لدى الصفوف العليا ، وفسرها بازدياد مطالب الأطفال كلما انتقلوا إلى مرحلة عمرية أكبر.
وفي هذا السياق تأتي هذه الدراسة لتوصيف المشكلات السلوكية عند الأطفال اليتامى في المرحلة الابتدائية كما يراها ويلحظها المعلمون ، بحكم ممارسة الباحثين لمهنة التدريس بالمرحلة الابتدائية.
أهداف الدراسة
تهدف الدراسة من خلال تساؤلها الأول إلى
استكشاف واقع المشكلات السلوكية لدى الأطفال اليتامى في المرحلة الابتدائية ، أما
الهدف من بقية التساؤلات فهو معرفة الفروق بين تقديرات المعلمين والمعلمات وفق
متغيرات الجنس والخبرة التربوية والمنطقة السكنية.
أهمية الدراســة
تتضح أهمية الدراسة من خلال :
- الوقوف على مدى انتشار المشكلات السلوكية في أوساط
التلاميذ اليتامى.
- تحسيس المعلمين ودفعهم للملاحظة من خلال الاستجابة لبنود أداة
الدراسة.
- توفر الدراسة بعض المعلومات والبيانات ، التي
تكون مرجعا للباحثين والتربويين قد تمكنهم من بناء برامج علاجية للتصدي للمشكلات
السلوكية في هذه المرحلة النمائية المهمة والحيوية.
نتائج وتوصيات الدراسة
توصلت الدراسة للنتائج التالية :
- أهم المشكلات السلوكية بالترتيب : السلوك الانسحابي ، النشاط الزائد ،العادات الغريبة واللزمات العصبية السلوك الاجتماعي المنحرف ، سلوك التمرد ، السلوك العدواني .
- لاتوجد فروق من وجهة نظر المعلمين للمشكلات السلوكية لدى الأطفال اليتامى تعزى لمتغيرات الجنس ، الخبرة المهنية ، المنطقة السكنية .
وتوصي الدراسة بـ:
-
ضرورة المتابعة
النفسية للأطفال اليتامى ، وذلك للحد من المشكلات السلوكية الخطيرة التي قد يتعرض
لها الطفل وخاصة السلوك الانسحابي.
-
أهمية وجود
أخصائيين نفسيين واجتماعيين بالمدارس الابتدائية.
-
ضرورة التعاون
بين المعلمين ومن يكفلون التلاميذ الأيتام .
-
وضع برامج
إرشادية للتخفيف من المشكلات السلوكية .
-
الاهتمام
بالأنشطة اللاصفية في المدارس للسماح للأطفال اليتامى بالتفاعل الصفي
والاندماج
الاجتماعي .
-
إجراء دراسات
أخرى للتعرف على المشكلات الدراسية لدى الأطفال اليتامى.
للإطلاع على المقال في مجلة تطوير العلوم الإجتماعية في موقع المجلات العلمية الجزائرية :
https://www.asjp.cerist.dz/en/article/31503
تعليقات
إرسال تعليق