القائمة الرئيسية

الصفحات

 التفكير ماوراء المعرفي

مفهوم ماوراء المعرفة

 يعدّ مفهوم ماوراء المعرفة من المفاهيم الجديدة في علم النفس التربوي والمعرفي   يرى كل من ˝جارمان وفا فريك˝ (Jarman et Vavrik ,1995) أنّ هذا المفهوم يمتد بجذوره إلى أصول علم النفس حيث وصف وليم جيمس وجون ديوي العمليات ماوراء المعرفية بأنها تتضمن التأمل الذاتي الشعوري أثناء عملية التفكير والتعلم ، وهو ما يشير إلى مهارات التفكير ماوراء المعرفي المطبقة الآن.(العتوم وآخرون2009). ظهر مصطلح ماوراء المعرفة  Metacognitionعلى يد الباحث "فلافل" في بداية سنوات السبعينيات ، ومع نهاية هذا العقد من القرن الماضي ، بدأت التعريفات الأولى لما وراء المعرفة تتضح عبر نموذج فلافل الذي طوره سنة (1979) ، ويشير إلى إدارة المعرفة ومراقبة الأفكار الخاصة بالفرد، وبيّن أنّها تشمل جانبين أطلق عليهما: معرفة ماوراء المعرفة وخبرات ماوراء المعرفة .

وزاد الاهتمام بالتفكير ماوراء المعرفي في بداية الثمانينيات بفضل الدراسات والأبحاث التي تعنى بنظريات الذكاء، والتعلّم واستراتيجيات حل المشكلة واتخاذ القرار. وتجدر الإشارة إلى أنّ الباحثين العرب قد أطلقوا عليه التفكير في التفكير، والتفكير الميتا معرفي والتفكير ماوراءالمعرفة ، والتفكير فوق المعرفي ، وما وراء الإدراك ، والوعي بالتفكير بوصفها مترادفات لمفهوم ماوراء المعرفة.

التفكير ماوراء المعرفي ، مفهومه ، مهاراته ، مكوناته



يعرّف هاكر(Hacker,2009) ماوراء المعرفة بأنّها: تتضمن الوعي بكيفية تعلم الأفراد ، وتقييم احتياجاتهم التعليمية، وتوليد استراتيجيات لتلبية هذه الاحتياجات ثم تنفيذ الاستراتيجيات .

ويعرّفها هويلت (Huilt,1997) بأنّها: ﹰالمعرفة التي يمتلكها الفرد حول نظامه المعرفي وتتضمن تفكير الفرد في ما يعرف وما لا يعرف ، ومراقبة كيف تسير عملية تعلمه وتفكيرهﹰ.(لورسي 2013).

ويعرّف التفكير ماوراء المعرفي بأنّه:ﹰعبارة عن عمليات تحكم عليا ، وظيفتها التخطيط والمراقبة والتقييم لأداء الفرد في حل المشكلة أو الموضوع، وهو القدرة على التفكير في مجريات التفكير أو حولهﹰ.(القضاة ،الترتوري2006).

   وأوضح الأشقر(2011) أنّ مفهوم ماوراء المعرفة ˝يشير إلى التأمل و التعمق في فهم المعرفة والمعلومات التي يمتلكها الفرد والى الطريقة التي يخطط ، وينظم ، ويتحكم ، ويضبط  ويواجه بها الفرد عملية التعلم الخاصة به˝.

   وفي نفس السياق عرّف ˝عبيد˝ مصطلح ماوراء المعرفة بأنه تأملات عن المعرفة أو التفكير فيما نفكر والكيفية التي نفكر بها، وأشار إلى أنّ هذا المفهوم يرتبط بثلاثة أصناف من السلوك العقلي هي:

1- معرفة الشخص حول عمليات تفكيره ، وقدرته على وصف تفكيره.

2- التحكم والضبط الذاتي ومتابعة الشخص لكل الخطوات التي يقوم بها.

3-معتقدات الفرد وحدسياته الوجدانية التي تتعلق بتفكيره ومدى تأثيرها في طريقة التفكير ، حيث تؤدي دورا في إدارة الوقت، والجهد عند أداء مهمة ما، وتتضمن التخطيط والمتابعة والرقابة.(عبيد 6:2004 ،7) .

وتوصل (قطامي165:2007) استنادا إلى الأبحاث والدراسات التي استعرضها في كتابه إلى أنّ ماوراء المعرفة تنمو وتتطور في سن الخامسة والسادسة والسابعة ، وتتطور خلال سنوات الدراسة ، ويستطيع الأطفال القيام بهذه العمليات ماوراء المعرفية ، وتدريبهم على استخدام استراتيجيات خاصة .

   وفي ضوء ما تقدم فإنّ ماوراء المعرفة تشمل المعاني الآتية:

- ماوراء المعرفة هي عملية وعي المتعلم بكيفية تعلّمه.

- ماوراء المعرفة تتضمن تفكير المتعلّم في معلوماته ومعارفه السابقة ، وفي ما يرغب في تعلّمه.

- ماوراء المعرفة هي عمليات عقلية ترتبط بمعرفة الفرد وقدرته على وصف تفكيره ، يتبع فيها خطوات واضحة ومحددة.

- يعدّ التفكير ماوراء المعرفي من أعلى مستويات التفكير، ويعتمد على خطوات ثلاث تتمثل في التخطيط والمراقبة ، والتقويم.


مكونات ماوراء المعرفة

يرى ˝فلافل˝ (1979) أنّ العمليات ماوراء المعرفية تتألف من مكوّنين هما:

أولا:المعرفة عن العمليات المعرفية: وبيّن أنّها تتضمن ثلاثة جوانب:

1-المعرفة بالمتغيرات المتعلّقة بالإنسان: وتتضمن النظرة العامة حول التعلم الإنساني ، معرفة المتعلم عن ذاته ماذا يعرف ؟ وماذا لا يعرف؟وماذا يريد أن يتعلم؟.

2.المعرفة بالمتغيرات المتعلّقة بالمهمة: وتعني التعرف على طبيعة المهمة ، وكيفية القيام بها حسب ما تهدف إليه.

3.المعرفة بالمتغيرات المتعلّقة بالإستراتيجية: وتعني معرفة استراتيجيات التعلم ، والتمكن من استخدامها وفق إجراءاتها السليمة ، ومدى مناسبتها للموقف التعليمي .

ثانيا:المعرفة عن عمليات التنظيم الذاتي: ترتبط هذه المعرفة بخبرات المتعلم ومكتسباته السابقة ،وقدرته على تنظيم تسلسل عملياته وتخطيطه لها وفق استراتيجيات ماوراء المعرفة.

ونقل أبوعليا محمد(2003) عن كل من (Marzano ,1998 ;Woolfolk,1998) أنّ التفكير ماوراء المعرفي –حسب ما جاء في نماذجهم- يتضمن عنصرين هامين هما:

أولا:أشكال المعرفة: ويتضمن ثلاثة أشكال من المعرفة هي:

أ- المعرفة التقريرية: تشير إلى الوعي بالاستراتيجيات والمهارات التي يحتاجها المتعلم لتنفيذ المهمة وهذه المعرفة تجيب عن السؤال ماذا؟What)) ، ومثال ذلك ما يعرفه القارئ عن استراتيجيات فهم النص المقروء.

ب- المعرفة الإجرائية: وتتضمن الإجراءات التي يتبعها المتعلم في انجاز المهمة ، وهي تجيب على السؤال كيف؟ How)) ، ومثال ذلك أن يعرف المتعلم كيف يستخرج الأفكار من النص المقروء؟ ، وكيف يلخصه؟.

ج- المعرفة الشرطية : وتشير إلى شروط استخدام الإستراتيجية المناسبة لانجاز مهمة ما ، وهي تجيب على السؤال متى (When)، أو لماذا (What) ، ومثال ذلك لماذا استخدمت إستراتيجية الجدول الذاتي في فهم النص المقروء؟ ومتى يجب تطبيقها؟.

ثانيا:الضبط التنفيذي لأداء المهمة: وتشير إلى تحويل المعرفة إلى إجراءات وتتضمن ثلاثة عناصر:

أ- التخطيط : يقوم المتعلم باختيار الإستراتيجية الملائمة وفق الأهداف المحددة لأداء مهمة دراسية ما.

ب- المراقبة: يتمّ التأكد من مستوى التقدم  الذي أحرزه لتحقيق الهدف ، وذلك من أجل تصحيح مسار التعلّم  ومراجعة الإجراءات واختيار أنسبها للموقف التعليمي.

ج-التقييم : يتم التأكد من مدى تحقق الأهداف ، يقوم فيها المتعلّم بالتساؤل الذاتي هل استوعبت النص المقروء ؟ (أبو جادو، نوفل 2007 ).

التفكير ماوراء المعرفي ، مفهومه ، مهاراته ، مكوناته


 

أهمية التفكير ماوراء المعرفة

يحتل التفكير ماوراء المعرفة أهمية كبرى وأساسية في التربية والتعليم، فهو حسب ما أشار إليه(Lafortune&Al,2003) يشكّل إحدى مركبات عملية التعلم ، وهو يأخذ مكانة واسعة في الأبحاث والدراسات التربوية ،وقد اعتنى بتركيز المتعلم على عملياته الذهنية  ومراقبته لكيفية تعلمه واستهدف الانتقال التدريجي نحو تحمل المتعلم لمسؤولية التعلم .(لورسي،2014).

 وتتمثل أهميته في العملية التربوية في السعي لتحقيق أهداف عديدة منها : تمكين المتعلمين من تطوير خطط عمل في أذهانهم خلال فترة من الزمن ، ثم التأمل فيها وتقييمها عند إكمالها ، وهذا يساعد على التقويم ، وإصدار الأحكام بشأن استعداد المتعلم للقيام بأنشطة أخرى.(قاسم 2017).

 وتتمثل أهمية التفكير ماوراء المعرفي في النقاط الآتية:

- يساعد التفكير ماوراء المعرفي الفرد على التخطيط والمتابعة والتأمل والتقييم .

- يساعد الفرد على مراقبة قراراته ، ومن ثمة السيطرة عليها والتحكم فيها.

- يمكن الفرد من إدراك نشاطه ، ومدى تأثيره على الآخرين وعلى محيطه.

- ينمي لدى الفرد حب الاستطلاع والبحث وتوليد الأسئلة .

- يطور مهارة تكوين الخرائط المفاهيمية .

- ينمي لدى الفرد التقويم الذاتي.

- يمكن الفرد من جمع المعلومات وحل المشكلات .

- يسهم في الرفع من أداء وتحصيل الطلبة .


مهارات التفكير ماوراء المعرفة 

   يشير مفهوم مهارات التفكير ماوراء المعرفي إلى مهارات عقلية معقدة تستخدم في معالجة المعلومات  وتنمو مع التقدم في العمر والخبرة ،وتقوم بمهمة السيطرة على جميع نشاطات التفكير عند حل مشكلة ،أو القيام بتنفيذ مهمة ما،وتهدف إلى دفع المتعلّم إلى ممارسة التعلم الذاتي .(عبدالعزيز2009).

  وتبين أنّ الأفراد مع مرور الزمن يطورون استراتيجيات فعالة لتذكر المعلومات ، وضبطها ومراقبة تفكيرهم ، ويبدأ تطور هذه العمليات من عمر 5-7سنوات ، وتزداد مع سنوات الدراسة ، وهذا ما أكدته نظرية التطور المعرفي لبياجيه ، والتي ترى أنّ الأطفال فيما بعد سن السابعة يتمكنون من ممارسة النشاطات بمجال التفكير في التفكير.(إبراهيم:2009).

وتتضمن هذه المهارات التفكير من أجل التفكير،كما تتضمن معرفة الفرد بذاته ،يتمكن من خلالها الفرد من تشخيص المشكلات ، واتجاهات تمثيل المشكلات ، والتخطيط لإجراءات حل المشكلات ،واستعراض التقدم ، وتقويم النتائج، وتتطور مهارات ماوراء المعرفة بتدريب المتعلمين على استراتيجيات ميتا معرفية تنظم نشاطاتهم، وتشجعهم على التفكير في تعلّمهم .(علوان:2012)

التفكير ماوراء المعرفي ، مفهومه ، مهاراته ، مكوناته


  وقد اتفق العديد من الباحثين (عرفة محمود،2006) ،(جروان2007) ، (عبد العزيز،2009) (العتوم 2012) مع تصنيف ستيرنبرج Sternberg,1988) (لمهارات التفكير ماوراء المعرفي ، والذي يشير إلى ثلاث فئات رئيسية هي: التخطيط ، والمراقبة والتحكم، والتقييم ، وكل فئة تحتوى مجموعة من المهارات نلخصها فيما يلي:

1-  مهارة التخطيط:

- تحديد الهدف المنشود.

- الإحساس بالمشكلة وتحديد طبيعتها.

- اختيار إستراتيجية التفكير وتنفيذها.

- ترتيب تسلسل عمليات التفكير وخطواتها.

- رصد الصعوبات وكيفية مواجهتها.

- التنبؤ بالنتائج المتوقعة.

2-  المراقبة والتحكم:

- جعل الأهداف في بؤرة الاهتمام.

- الحفاظ على تسلسل عمليات التفكير والخطوات.

- تحديد استراتيجيات تحقيق الأهداف المرحلية والفرعية.

- اختيار العمليات الأساسية المناسبة.

- اكتشاف الصعوبات و الأخطاء.

- معرفة كيفية التغلب على الصعوبات والأخطاء.

3-  التقييم:

- تقييم مدى تحقق الأهداف.

- الحكم على دقة النتائج .

- مدى مناسبة الاستراتيجيات والخطوات المتبعة.

- تقييم أساليب مواجهة الصعوبات وتدارك الأخطاء.

- تقييم فاعلية الخطة وتنفيذها.



تعليقات

التنقل السريع